اليمن والحوثيين وماذا يحدث ؟ !!

[$$$ الحب الخالد $$$]

حرب صعدة اليمينة هل هي حرب طوائف أم حرب ضد التهميش والتمييز
واشنطن-محمد سعيد 13/10/2009
دخلت حرب صعدة اليمنية شهرها الثالث بين الجيش اليمنى ومسلحى ما بات يعرف بتنظيم "حركة الشباب المؤمن-الحوثيين" بمنطقة صعدة شمال غربي اليمن دون ظهور بارقة امل تلوح فى الافق بامكانية وضع نهاية لها توقف شلال الخسائر البشرية والمادية الناجمة عنها وما سببته من معاناة ومآس ساهم في زيادتها فشل الجيش اليمين في حسم تلك الحرب التي ينظر إليها باعتبارها جولة الحرب السادسة في غضون خمس سنوات بين الجانبين.
فقد اندلعت تلك الحرب لاول مرة فى السادس عشر من يونيو 2004 ومرت بست جولات كانت تتوقف فى كل مرة اثر اتفاق اوهدنة او تسوية معينة، غير ان تجددها او استئنافها فى جولتها السادسة هذه المرة بدت الاعنف والاشرس في وقت يشهد اليمن أيضا حركة احتجاج سلمية واسعة في جنوبه تواجهها قوات الأمن اليمنية بالعنف لتتخذ قسريا طابع المواجهة المسلحة وهو الأمر الذي يصعد أزمة البلاد لتدخلها في منطقة الخطر والكوارث.
وقد بدأت الجولة السادسة لحرب صعدة يوم الحادى عشر من اغسطس الماضى بمواجهات متقطعة فى عدة مديريات بصعدة ثم اخذت وتيرتها تتصاعد شيئا فشيئا الى ان تحولت حاليا الى ما يشبه الحرب الشاملة والمفتوحة على كل الاحتمالات في ضوء ما تخلفه من قتلى وجرحى وتسببه من تشريد لالاف المواطنين فضلا عما تسببه من خسائر مادية كبيرة حيث تصر الحكومة اليمنية على استخدام قواتها المسلحة لإنهاء تلك بشروطها فى حين يتمسك عناصر الحوثيين وقياداتهم بمطالبهم ومواقفهم من هذه الحرب ويواصلون مواجهة القوات الحكومية.
وقد أعربت اللجنة الأمنية اليمينية العليا في بيان أصدرته في 11 أغسطس الماضي عن الاسف الشديد لما آلت اليه الاوضاع فى محافظة صعدة فى ضوء استمرار ما اسمتها بعناصر التخريب فى ممارسة اعمالها العدوانية حيث حملت اللجنة قيادة هذه العناصر فى المحافظة نتائج اعمالها وما قد يترتب عليها من عواقب لتجدد المواجهات، مشيرة فى بيانها الى ان الاجهزة الامنية والقوات المسلحة ومعها المواطنين من ابناء المحافظة لن يقفوا مكتوفى الايدى وسيقومون بواجباتهم الدستورية والقانونية لحماية المواطنين وممتلكاتهم.
وبقدر ما تثير هذه الحرب العديد من التساؤلات حول مصير الحرب ومستقبل اليمن فى ظل استمرارها وما هى ابعادها وخلفياتها واسباب اندلاعها يبرز سؤال آخر حول حركة الحوثيين وكيف ظهرت وماهية اهدافها وكيفية اندلاع هذه الحرب.
وبالرغم من ندرة المعلومات بشأن بدايات الحرب واسباب اندلاعها فإن ما هو مؤكد أن تلك الحرب قد اندلعت قبل خمس سنوات في وقت لم يكن احد قد سمع بالحوثيين اوعلى الاقل قلة قليلة من اليمنيين فقط.
ويقول الباحث والكاتب المعروف فواز طرابلسي إن حركة الحوثيين في صعدة وعمران "تؤشر إلى نمط المشكلات والأزمات التي تنجم عندما ينجدل التهميش الاقتصادي والتمييز السياسي والحرمان الاجتماعي مع الخصوصيات والهويات المذهبية والمناطقية، يزيد من حدة الأزمة ضيق قاعدة السلطة وازدياد طابعها الفردي، والتخلي المتزايد للدولة عن دورها في التنمية والخدمة الاجتماعية وإطلاق العنان لحرية السوق والاستعاضة عن التوزيع الاجتماعي العادل بشبكات المحسوبية والانتفاع في إطار ممارسة أهل الحكم والتجارة والمقاولات والتصرف بالموارد ومراكمة الثروات من غير ما رقيب."
نشأة "الحوثيين":
نشأت "الحركة الحوثية" في كنف "حزب الحق" المعارض في اليمن ضم عددا من القضاة الزيديين، عندما انضقت عنه مجموعة من الشباب المؤمن بقيادة حسين بدر الدين الحوثي، كرد فعل على نمو وانتشار المدارس الدينية ذات التوجه السلفي الوهابي والتمويل السعودي الذي كان يحظى بدعم ورعاية جناح في نظام الحكم في صنعاء من أبرز رموزه الشيخ عبد المجيد الزنداني وهو أحد قادة التجمع اليمني الإصلاح واللواء على محسن الأحمر قريب الرئيس اليمني علي عبد الله صالح. ويذكر أن الرئيس اليمني كان قد شجع في أول الأمر الحوثيين ودعمهم بالمال لموازنة نفوذ المدارس الدينية (الوهابية) بل وزع عليهم السلاح عام 1994 مكافأة لهم على المشاركة في الحرب الأهلية التي انتهت بإعادة ضم جنوب اليمن، على أن مصدر التوتر الأول بين السلطة اليمنية وما كان يعرف بـ "مجاميع الشباب الموءمن" جاء بعد تركيزهم على شعارات معادية للولايات المتحدة واسرائيل عشية شن الولايات المتحدة في عام 1991 عدوانها على العراق، حيث لعبوا دورا هاما في التظاهرات اليمنية المنددة بالعدوان الأميركي، واتخذ هوءلاء الشباب اسلوبا خاصا بهم للتعبير عن ارائهم تمثل فى الهتاف عقب كل صلاة جمعة فى صنعاء وفى مدينة صعدة مثل "الموت لاميركا والموت لاسرائيل."

[$$$ الحب الخالد $$$]

ولم يكن احد يتوقع حينها ان تتحول هذه الشعارات والهتافات الى تنظيم وانها ستكون بداية لقضية تتطور وتاخذ منحى مختلف تماما وتصبح ظاهرة بهذا الحجم بينما لم يكن العضو في البرلمان اليمنى حسين بدر الدين الحوثى الذي تنسب إليه "الحركة الحوثية"، شخصية سياسية معروفة، بل برز اسمه سريعا فيما بعد خلال تطورات تلك الحرب ومراحلها، غير أنه لقي مصرعه خلال الجولة الاولى من تلك الحرب مع القوات الحكومية فى العاشر من سبتمبر عام 2004 م حيث كان يبلغ حينها الخامسة والاربعين من العمر.
والحوثي من مواليد صعدة الواقعة على بعد نحو مائتين وخمسين كيلومترا الى الشمال الغربي من اليمن. وينتمى الى اسرة زيدية عريقة ووالده بدرالدين الحوثى من ابرز المراجع العلمية للمذهب الزيدى باليمن، وكان ابنه حسين المتأثر بقوة بأفكار واجتهادات والده قد اسهم بفعالية مع رموز وشخصيات مثقفة منتمية فى تأسيس "حزب الحق" عام 1990 ونجح فى اول انتخابات نيابية عام 1993 عن محافظة صعدة باسم هذا الحزب مع صديقه عبدالله الرزامى الذى قتلته القوات الحكومية فى حملتها الاخيرة باعتباره الرجل الثانى فى جماعة "الشباب الموءمن" وسرعان ما دب الخلاف داخل حزب الحق فى العام الذى اعقب انتهاء حرب صيف عام 1994م خاصة مع اتهام حسين بدر الدين الحوثى بمناصرة قوات الحزب الاشتراكى اليمنى، ثم ترك الحوثى وصديقه عبدالله الرزامى حزبهما مع اخرين مع حديث عن خلافات مكتومة داخل حزب الحق وأسسا جماعة "الشباب الموءمن"
وقد تدهورت العلاقات بين الحوثيين والسلطة اليمنية بعدما كفرها حسين الحوثي ورفض الاعتراف بمحافظ صعدة، بل إن البعض يقول إنه أعلن الردة على النظام الجمهوري ونصب نفسه إماما وحرم دفع الزكاة للسلطات اليمنية.
ويعد تنظيم الشباب الموءمن الذراع العسكرى لجماعة الحوثيين حاليا وهو قد نشأ حسب ما صرح امينه العام السابق محمد عزان كفكرة دينية ومنتدى يجتمع فيه الشباب وتدرس فيه بعض الدروس الدينية والفكرية. وكان الهدف منه على حد قوله توعية الشباب واخراجهم من حالة التقوقع والتعصب وما شابه ذلك. واستمر المنتدى حوالى عشر سنوات منذ عام 1990 الى عام 2000، وله ادبيات وكتب ونشرات تعكس فكرته ورؤيته لكن حسين الحوثى تبنى خطا اخر ونهجا جديدا قاده الى الاعلان بنفسه عن تيار جديد اسماه "حركة الشعار" المناهضة للولايات المتحدة واسرائيل والمناصرة للقضية الفلسطينية.
وكان تنظيم الشباب الموءمن قبل تحوله الى حركة الشعار على علاقة طيبة وتعاون جيد مع حزب الموءتمر الشعبى الحاكم فى اليمن.
وعقب مقتل حسين الحوثي في العاشر من سبتمبر 2004، تولى والده بدر الدين قيادة جماعة الحوثى ثم تولى القيادة لاحقا عبدالملك الحوثى الابن الاصغر لبدر الدين بينما طلب الشقيق الاخر يحيى الحوثى اللجوء السياسى فى المانيا.
وتطالب الحركة الحوثية، الحكومة اليمنية بما تسميه اطلاق الحريات السياسية والدينية فى منطقة صعدة وبموافقة رسمية من السلطات على انشاء حزب سياسى مدنى للجماعة وانشاء جامعة معتمدة لها فى شتى المجالات المعرفية وضمان حق ابناء المذهب الزيدى فى الكليات الشرعية واعتماد هذا المذهب مذهبا رئيسيا فى اليمن.
وبعد الجولة الثانية من تلك الحرب عقد اتفاق مع السلطات اليمنية قضى بإطلاق سراح المعتقلين والأسرى والتعويض عن الأضرار، ولكن القتال تجدد إذ يتهم كل طرف الآخر بأنه لم يف بتعهداته. وعقد اتفاق جديد في العاصمة القطرية الدوحة، مطلع عام 2008 أدى إلى وقف الجولة الخامسة من تلك الحرب وتضمنت بنوده وقف العمليات العسكرية وإعلان العفو العام وإطلاق سراح الأسرى والنعتقلين من الطرفين وإعادة أسلحة الجيش المصادرة وبسط نفوذ الدولة على كافة المناطق وتحول الحوثيين إلى حزب سياسي.
وإزاء تعثر التنفيذ أعلن الرئيس اليمني أن توقيع اتفاق الدوحة كان خطأ لأنه أعطى للحوثيين الانبطاع بأنهم ند للدولة، وتضاربت الاتهامات حول المسؤولية في عدم التنفيذ، وخلال الجولة الحالية من الحرب أعلن وزير الإعلام اليمني انتهاء العمل باتفاق الدوحة متهما الحوثيين باغتيال الاتفاق ودعا إلى الشروط الستة وهي لا تختلف كثيرا عن بنود اتفاق الدوحة و اهمها قيام المسلحين بالقاء السلاح وتسليمه للدولة واطلاق سراح المعتقلين لديهم من افراد الجيش والرهائن الاجانب، والملفت للنظر أن منع الحوثيين من التدخل في شؤون محافظتهم، صعدة، هو أحد شروط السلطة اليمنية الستة لوقف الحرب.
صعدة وعمران
وتعتبر منطقة صعدة حيث تجرى فصول تلك الحرب بأنها منطقة جبلية وعرة المسالك كثيرة الاودية تقع شمال غرب اليمن وتبلغ مساحتها نحو احد عشر الفا وثلاثمائة وسبعة وخمسين كيلومترا مربعا ويقطنها حوالى سبعمئة الف نسمة اغلبهم من اتباع المذهب الزيدي، وهى منطقة ذات تضاريس طبيعية جبلية قاسية، لكنها معتدلة المناخ ممطرة صيفا وشتاء ويمتهن اغلب سكانها
الزراعة والتجارة ورعى الماشية واهم محاصيلها البن والعنب والحبوب
وتتوزع على مديريات منها حرف سفيان وحيدان ورازح وغمر ومنطقة خولان بنى عمرو وبنى بحر وبنى ذويب. وعرفت تاريخيا بذات الاسم فى النقوش الاثرية اليمنية القديمة واشتهرت فى العصر الاسلامى خاصة فى القرن الثالث الهجرى واصبحت مركزا رئيسيا للزيدية فى اليمن.

[$$$ الحب الخالد $$$]

حرب واتفاقيات
تؤكد أغلب المصادر أن حرب صعدة اندلعت لاول مرة فى 19 يونيو 2004، عند محاولة الدولة اعتقال حسين الحوثى بعد خروج جماعة الشباب الموءمن التى يتزعمها فى مظاهرات حاشدة تندد باميركا واسرائيل وانتهت بمقتل حسين بدر الدين الحوثى في سبتمبر من العام نفسه، ثم توقفت جولتها الاولى نحو عشرة اشهر عادت بعدها المواجهات المسلحة لتندلع مجددا فى جولة ثانية فى شهر مارس من العام 2005 م بقيادة بدر الدين الحوثى استمرت نحو ثلاثة اسابيع بعد تدخل القوات اليمنية بقوة لانهائها. وفى نهاية عام 2005 م اندلعت الجولة الثالثة من الحرب ثم توقفت باتفاق هدنة بين الجانبين وعادت لتتجدد فى جولة رابعة فى عام 2006، ثم توقفت ايضا باتفاق. وفى منتصف العام 2007 تمكن الطرفان من التوصل الى اتفاق عن طريق وساطة ناجحة ومساع خيرة بذلتها دولة قطر حيث وقع الطرفان مع بداية عام 2008 اتفاق الدوحة، غير ان هذه الاتفاقية لم تصمد طويلا لعدم الالتزام ببنودها حيث تبادل الطرفان الاتهامات بشأن عدم التزام كل منهما ببنود الاتفاقية، واثر ذلك تجددت المواجهات المسلحة بين الجانبين فى عام 2008 فيما عرف حينها بالجولة الخامسة من الحرب الى ان اعلن الرئيس اليمنى على عبدالله صالح وقف اطلاق نار احادى الجانب فى يوليو من عام 2008 قام بعدها بانشاء لجنة صعدة للسلام واعادة الاعمار.
غير ان عمل هذه اللجنة شهد تراجعا ملحوظا بسبب شح التمويل وظلال الازمة المالية العالمية، فاعتبرت جماعة الحوثى هذا التراجع فى عمل اللجنة تراجعا فى تبنى الحكومة لمسوءوليتها تجاه المنطقة وعدم وفائها بالتزامها فى اعادة الاعمار فقامت بعض العناصر الحوثية بشن هجمات على مواقع حكومية واخرى عسكرية بالمحافظة مما اعتبرته الدولة انتهاكا لاتفاقية هدنة وسلام مبرمة بين الطرفين فقامت بالرد على هذه الهجمات بشكل قوى وجرت معارك شرسة بين الطرفين سقط خلالها العشرات من القتلى والجرحى وقررت رسميا شن حرب شاملة على الجماعة فى بدايات اغسطس من العام الجارى والتى كانت تعنى بدء الجولة السادسة من الحرب التى لا تزال رحاها دائرة وبشكل اعنف من كل الجولات السابقة، حيث تشارك فيها ولاول مرة وحدات من الحرس الجمهورى واخرى من القوات المسلحة وسلاح الجو والامن المركزى ويشرف عليها شخصيا رئيس الجمهورية بمساعدة كبار قادة الجيش استنادا الى قرار إنهاء الحرب وحسمها على خلفية ما يبدو ان الحكومة اليمنية سئمت من الحلول المؤقتة والقصيرة وانها بذلك تسعى الى حل نهائى للحرب.
وتعزو الحكومة اليمنية قرارها الاخير بتصعيد العمليات العسكرية ضد المسلحين الحوثيين والمرفق بشروط ستة لانهاء الحرب الى عوامل عدة ابرزها اعتقاد كل من الجانبين بان لا أمل بالتوصل الى حل دبلوماسى وتوسيع الحوثيين السريع لنطاق هجماتهم لتطال مناطق استراتيجية خارج محافظة صعدة تشمل معظم محافظات البلاد الشمالية كمحافظة عمران والجوف ومأرب والاهم من كل ذلك سيطرة الحوثيين على مواقع عسكرية مهمة تابعة للجيش فى المنطقة.
وتزعم الحكومة اليمنية اليوم بانها مضطرة للرد بحزم ان كانت تريد الحفاظ على وجودها وهيبتها اذ على ما يبدو لايمكنها ابداء اى ضعف ازاء التحديات المتزايدة المرتبطة بحركة الحوثىيين المسلحة وتهديدات تنظيم القاعدة و"الحراك الجنوبي" حيث يتعين عليها ان تثبت قدرتها بالسيطرة على الوضع فى الشمال اما من خلال ايجاد حل سياسى دبلوماسى ولكن بشروطها المعلنة واما عبر الوسائل العسكرية.
وعلى خلفية الجولات الخمس الاخيرة التى وقعت بين الجيش اليمنى والحوثيين ما بين الاعوام 2004 و2008 ثم من مجريات هذه الجولة السادسة من الحرب فانه يبدو من الصعب توقع نتيجة المواجهة العسكرية .وقد أظهرت الاسابيع القليلة الماضية تعذر ايجاد حل دبلوماسى ناجع لهذه المشكلة رغم ما بذل من جهود سياسية ودبلوماسية عربية ودولية لحل الصراع وقبل ذلك جهود داخلية يمنية الا انها تقريبا وصلت الى طريق مسدود عدا الوساطة القطرية التى تكللت باتفاقية الدوحة فى العام الماضى وافضت الى اتفاقية سلام تبعها عدد من الاتفاقيات والتفاهمات الداخلية بهدف تحقيق وقف اطلاق النار. لكن كل الاتفاقيات والتفاهمات انتهكت فيما تبادل الجانبان الاتهامات بخرق وقف اطلاق النار وبعدم الاهتمام بايجاد حل سياسى دبلوماسى للصراع.
البعد الداخلي والإقليمي
يكان الصراع في صعدة ان يتحول من مسالة داخلية يمنية الى قضية اقليمية ولا سيما بعد تحقيق الحوثيين بعض المكاسب التكتيكية عبر استغلال اتفاقات وقف اطلاق النار لبناء قدرات عسكرية وتوسيع رقعة سيطرتهم على المواقع فى المنطقة وهو ما اثار ويثير حفيظة وقلق العديد من الاوساط الرسمية اليمنية والاقليمية.
وتلك الحرب بما خلفته من مئات القتلى والجرحى وعشرات الاسرى لدى الجانبين وتشريد اكثر من مئة وخمسين الف مدنى عن قراهم ومنازلهم منذ عام 2004 بينهم خمسة وخمسون الفا شردوا منذ الحادى عشر من اغسطس الماضى فقط وسكنوا مخيمات اقيمت على عجل استدعت دخول الامم المتحدة من خلال العديد من وكالاتها وموءسساتها الاغاثية والانسانية فى الازمة الى
جانب زيارات عدد من مبعوثى المنظمة الدولية وبعض دول العالم لليمن لبحث الوضع مع مسوءوليها سعيا وراء حل وكذلك ظهور اصوات على الساحة الدولية تطالب بسرعة انهاء هذه الحرب وايجاد حل سلمى لها، لكن يبدو ان طرفيها ليسا فى وارد ما لم يحقق كل منهما على ما يبدو اهدافه كلها او بعضها على الاقل وخاصة الحكومة اليمنية التى تسعى لحسمها.
وتفيد تقارير المنظمات الإنسانية أن عدد النازحين بسبب الجولة السادسة من الحرب بلغ حتى الآن 55 ألفا، بينما عدد النازحين إجمالا منذ الحرب الأولى التي اشتعلت في صيف 2004 بلغ 150 ألفا، اي أن عدد نازحي الحرب الحالية تجاوزوا ثلث إجمالي عدد النازحين، ونصف عدد نازحي جولات الحرب الخمس الأولى.
ولم تتوقف الخسائر فى هذه الحرب على القتلى والجرحى والاسرى، فقد كشف تقرير حكومى أن الحرب تسببت في تدمير اكثر من عشرة الاف منشأة خاصة وعامة فى احدى عشرة مديرية من محافظة صعدة بشمال البلاد خلال الخمسة اعوام الاخيرة وهى سحار ومجز والصفراء ورازح وكناف وغمر وقطاير والظاهر وشداء وساقين وحيدان منها (973 ) منشاة خاصة بينها 7529 منزلا و 422 منشاة عامة توزعت بين مرافق عامة وحكومية ومشاريع تنموية وخدمية الى جانب عدد من المساجد والمدارس.

[$$$ الحب الخالد $$$]

وبين التقرير بان الخسائر التنموية تمثلت فى التوقف شبه التام لحركة التنمية بالمحافظة وحرمانها من عدد كبير من المشاريع الخدمية وتخلفها عن مسيرة التنمية بالمحافظات الاخرى من البلاد.
وتخشى اطراف اقليمية ودولية من توسع رقعة تلك الحرب جغرافيا مثلما تخشى من دخول اطراف محلية اخرى فيها وخاصة الى جانب الدولة كبعض القبائل والاحزاب السياسية او الى جانب الحوثيين كاحزاب المعارضة مما يعنى اطالة امد الحرب ووقوع المزيد من الخسائر جراء استمرارها. وتفيد بعض المؤشرات بان الاستثمار السياسى للحرب ما زال قائما، وسواء صحت هذه الموءشرات ام لم تصح فان امد الحرب يبدو طويلا بسبب ما يعتبره الجانبان اخطاء ارتكبها كل منهما فى الجولات السابقة.
ويتساءل مراقبون حول من المستفيد من إطالة أمد الحرب. والمحصلة انه فى غير صالح اى من الطرفين، لان الخسارة عامة وشاملة وعلى جميع فئات الشعب وكل الوطن. واذا ما استمرت هذه الحرب فترة اطول فانها بالضرورة ستحدد مصير ومستقبل من يديرها ويشرف عليها.
ويرى طرابلسي في ورقة قدمت إلى الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي في مطلع شهر أكتوبر الجاري، أن الصراع في صعدة يشير إلى التحميل المتزايد للصراع "إلى الوحي الخارجي والارتباطات للخارح، حيث تتهم السلطة في صنعاء الحركة الحوثية بأنها ممولة ومسلحة من إيران، ويتهم الحوثيون بدورهم السعودية بتحريض الحكومة اليمنية عليهم واستخدام طيرانها لقصف مواقعهم ومنع المدنيين الهاربين من مناطق القتال من اللجوء إلى الأراضي السعودية."
كما أن الصراع يتخذ طابعا أهليا مسلحا مع زج عناصر قبلية في المعارك إلى جانب الجيش النظامي في صعدة.
وفى الاجمال فأن من أسوأ انواع الحروب تلك التى يدور رحاها فى ساحة داخلية لاى دولة وأذا قدر ونشبت مثل هذه الحرب لسبب او لآخر فأن الخسارة تكون فى المحصلة خسارة عامة يتكبدها شعب او امة ما ويدفع ثمنها من رصيد استقراره وأمنه ومقدراته الاقتصادية والتنموية وتكون على حساب ازدهاره ورخائه وتقدمه. وقد شهدت أكثر من منطقة فى العالم خلال السنوات العشرين الاخيرة مثل هذا النوع من الحروب وانتهت فى الاغلب بخسارة جميع الاطراف المشاركة أو المتسببة فيها دون تحقيق النتائج التى كانت ترمى اليها.
وفي هذا الشأن فإن طرابلسي يرى أن تعنت السلطة لا يعفي حركة الحوثيين من المسؤولية، فهي توحي أنها لا ترى جوابا على التهميش والتمييز إلا في الارتداد على النظام الجمهوري والحلم بإمارة دينية مستقلة في المناطق الشمالية الغربية من اليمن. فيما ينبغي على السلطة اليمنية التراجع عن نهجها في التعاطي مع الصراع الحالي في صعدة، إذ أن الحل لا يمكن أن يكون أمنيا وعسكريا لأنه قد جرى اهتباره ولم يؤد ليس إلى الفشل المأساوي فحسب، بل بات يهدد بتصديع الوحدة الوطنية على امتداد البلد ووتفاقم الانقسام والاحتقان الأهلي، وكان الأجد أن تصرف الأموال الطائلة التي هدرت على السلاح والعتاد الحربي والقتل والحروب على التنمية الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية والثقافية في مناطق الصراع وأيضا كان حري أن تبذل الجهود من أجل إشراك الأطراف المهمشة والمحرومة في خدمات الدولة والثروة الأهلية، نظرا لأن التهميش والعزل والحرمان تقع في مقدمة الأسباب الدافعة إلى التحرك والتمرد والعنف والنزعات الإنفصالية أصلا."

[$$$ الحب الخالد $$$]

زعيم المتمردين معجب بالخميني وحزب الله
وقد أكد أكاديمي يمني سعي إيران سواء علي المستوي الرسمي أو علي مستوي بعض المرجعيات لسيطرة مشروعها المعروف علي اليمن وكل مكان تستطيع أن تتمدد إليه أو تجد لها موطئ قدم فيه انطلاقا من عقيدة تصدير الثورة المعلن‏,‏ وذلك من خلال الحركة الحوثية وهي التمرد الشيعي التي يقودها في صعدة بشمال اليمن عبد الملك الحوثي‏.‏ وكشف أستاذ أصول التربية وفلسفتها المشارك في جامعة صنعاء‏,‏ الدكتور أحمد محمد الدغشي في كتاب صدر حديثا في صنعاء عن شواهد تدل علي عوامل خارجية وتأثير إيراني أدي إلي ظهور الحركة الحوثية‏,‏ حيث إن سفر حسين الحوثي‏-‏ مؤسس الحركة الذي قتل في الجولة الأولي لحرب صعدة عام‏2004‏ في عام‏1994‏ ووالده بدر الدين الحوثي إلي إيران ثم لبنان قد جعله يعود أكثر إعجابا بالتجربة الإيرانية والخمينية وتجربة حزب الله‏,‏ وهو مما استفاضت به محاضراته ودروسه المسجلة وملازمه‏,‏ بالإضافة إلي أن نشأة الحوثي وتربيته وتفاعله مع المحيط البيئي من حوله ومع العالم الخارجي الذي اطلع علي مجريات الأحداث فيه‏,‏ مباشرة أو بشكل غير مباشر قد أسهم بنصيب وافر في إخراج سيكولوجيته علي ذلك النحو‏.‏ وقال الباحث في الكتاب الذي حمل عنوان‏'‏ الحوثيون‏-‏ الظاهرة الحوثية‏-‏ دراسة منهجية شاملة‏-‏ طبيعة النشأة والتكوين‏-‏ عوامل الظهور وجدلية العلاقة بالخارج‏-‏ مشاهد المستقبل‏',‏ إن ثمة شواهد تدل علي أن للعامل الخارجي أثره في أن تبلغ ظاهرة الحوثي ذلك المدي‏,‏ وأشار إلي أن ظاهرة التطرف والمغالاة في التشيع في اليمن قد لا تخلو من تأثير خارجي منذ القديم‏.‏ وبين الأكاديمي اليمني أن اندلاع المواجهات المسلحة‏'‏ حرب صعدة السادسة الدائرة بين الحوثيين والجيش اليمني‏'‏ قد أتاح المجال للتدخل الخارجي علي نحو غير مسبوق وإن كان ذلك لا يعني بالضرورة متابعة أيديولوجية أو فكرية‏.‏ ولفت الدكتور الدغشي النظر إلي أن مسألة الاحتفال بيوم الغدير تمثل قضية مطلبية‏'‏ شرعية‏'‏ لدي الحوثيين بحيث لا يبدون تجاهها أية مرونة أو تنازل‏.‏ واعتبر أن الظاهرة الحوثية تنتمي إلي المدرسة الزيدية‏'‏ الجارودية‏'‏ وهي المتسمة بالالتقاء مع المدرسة الإمامية الاثني عشرية في جانب النيل من كبار الصحابة وفي مقدمتهم الخلفاء الراشدون المتقدمون علي علي بن أبي طالب رضي الله عنه‏.