صواريخ اسرائيل في سيناء

[$$$ الحب الخالد $$$]

صواريخ اسرائيل في سيناء
رأي القدس

2012-07-12

منذ اندلاع شرارة الثورة المصرية قبل عام ونصف العام تقريبا، والسلطات الاسرائيلية تعكف على اعادة تقويم الموقف، ودراسة كل الاحتمالات بما في ذلك انتقال مصر من خانة الاصدقاء الى خانة الاعداء.
الاسرائيليون وصلوا الى قناعة راسخة بان فترة شهر العسل الطويل مع الامان والاستقرار بسبب العلاقات التحالفية غير المباشرة مع نظام الرئيس حسني مبارك انتهت ولكن بعد حوالي اربعين عاما كانت خلالها مصر حارسا امينا للحدود تمنع اي هجمات عبرها.
هذه القناعة بخسارة مصر امنيا واستراتيجيا انعكست يوم امس في الاعلان عن اقدام جيش الاحتلال الاسرائيلي على نصب بطارية صواريخ اعتراضية على حدود اسرائيل مع مصر والاردن في سابقة هي الاولى من نوعها.
نصب هذه الصواريخ قرب الحدود المصرية وفي منطقة ايلات بالذات قد يشكل انتهاكا لمعاهدة كامب ديفيد التي تحظر مثل هذه الخطوات، ولكنها قطعا ستدفع القيادة العسكرية المصرية لاتخاذ اجراءات احتياطية مماثلة.
اسرائيل تعيش هذه الايام اصعب ايامها، في الماضي كانت تشن حروبا ضد لبنان وقطاع غزة وهي مطمئنة تماما الى هدوء جبهتها الجنوبية وبالتحديد مع مصر، لان نظام حسني مبارك ينسق امنيا وعسكريا معها، ويبارك حروبها، ولكن الوضع اختلف الآن كليا، خاصة وهي تخطط لشن عدوان على ايران، وتهدد بمهاجمة جنوب لبنان، ولا تخفي نواياها باجتياح قطاع غزة مرة اخرى بعد استئناف اطلاق الصواريخ كرد على الغارات الاسرائيلية.
سيناء باتت تقلق اسرائيل وامنها اكثر من جنوب لبنان، ليس لان مساحتها اكثر من ستة اضعاف لبنان كله، وانما لوجود تنظيمات اسلامية متشددة على ارضها شنت هجمات عديدة على ميناء ايلات ودوريات اسرائيلية عسكرية، مثلما فجرت انابيب الغاز المصري الى اسرئيل والاردن.
اسرائيل ربما تملك التفوق العسكري، والجوي منه على وجه الخصوص بسبب ما حصلت عليه من طائرات امريكية حديثة من نوع اف 15 و اف 16 واف 35 المتطورة جدا التي لا يملكها الا الجيش الامريكي، ولكنها لن تستطيع مواجهة حروب استنزاف تشنها جماعات متشددة.
صحراء سيناء تحولت الى غابة سلاح بفعل عمليات تهريب اسلحة متطورة من ليبيا، وباتت عملية السيطرة عليها متعذرة بسبب القيود التي فرضتها اتفاقات كامب ديفيد على حجم التواجد العسكري المصري فيها. ولا نستغرب ان تبادر القيادة الاسرائيلية نفسها بالتخلي عن غرورها وعجرفتها وتطلب من السلطات المصرية الجديدة تعديل هذه الاتفاقات بما يؤدي الى زيادة القوات المصرية في سيناء على امل السيطرة على الاوضاع وانهاء وجود التنظيمات الاسلامية على ارضها.
القلق الاسرائيلي هو مصدر ارتياح للعرب، ومصدر سعادة لحركات المقاومة الاسلامية سواء في قطاع غزة او سيناء او حتى في جنوب لبنان، فالهدوء على الجبهة المصرية، كبرى الجبهات العربية، جعل اسرائيل تستمع بالامان لاكثر من ثلثي عمرها بينما ظلت في المقابل، اي اسرائيل مصدر تهديد للامن القومي العربي، من خلال حروبها التي لم تتوقف سواء ضد لبنان او قطاع غزة ولا ننسى عدوانها على العراق وسورية وتدمير مفاعليهما النوويين.
التغيير المبارك في مصر، واطاحة نظام استبدادي حريص على اسرائيل اكثر مما هو حريص على مصر وشعبها، سيقلب كل المعادلات الاستراتيجية في المنطقة باسرها، ولهذا تتكثف المؤامرات لمنعه من خلال اغراق مصر في صراعات داخلية بين التيار الاسلامي صاحب الشعبية الاكبر والمؤسسة العسكرية عماد الاستقرار والامن في البلاد.