![]() |
#1 |
-||[عضو VIP]||-
![]() |
![]() سددك الله بدرك الحق ، وأعانك على نيل مستوعراته .
انه سالت ، أسعدك الله بطاعته ، أن اختصر لك قولا في النفس ، وآتي على الغاية التي إليها جرى الفلاسفة في ذلك ، مع اختصار لكتاب أرسطو في النفس . ولست آلو جهداً في استعمال البلوغ إلى محابّك ، و المبادرة إلى ما سألت ، بتلخيص كافٍ ، و فحصٍ شافٍ ، إن شاء الله تعالى ، وبه القوة ، فأقول : إن النفس بسيطة ، ذات شرف وكمال ، عظيمة الشأن ، جوهرها من جوهر البارئ ، عز وجلّ ، كقياس ضياء الشمس من الشمس . وقد بُيِّن أن هذه النفس منفردة عن هذا الجسم ، مباينة له ، وان جوهرها جوهر إلهي روحاني ، بما يُرى من شرف طباعها ، ومضادّاتها لما يعرض للبدن من الشهوات والغضب . وذلك أن القوة الغضبية قد تتحرك على الإنسان في بعض الأوقات ، فتحمله على ارتكاب الأمر العظيم ، فتضادّها هذه النفس ، وتمنع الغضب من أن يفعل فعله ، أو أن يرتكب الغيظُ وتِرتَه ، وتضبطه كما يضبط الفارسُ الفرس ، إذا همَّ أن يجمح به ، أو يمدُّه . وهذا دليل بيِّن على أن القوة ، التي يغضب بها الإنسان ، غير هذه النفس التي تمنع الغضب أن يجري إلى ما يهواه ، لأن المانعَ ، لا محالة ،غيرُ الممنوع ، لأنه لا يكون شيء واحد يُضادّ نفسه . فأما القوة الشهوانية فقد تتوق ، في بعض الأوقات ، إلى بعض الشهوات ، فتفكّر النفس العقلية في ذلك أنه خطأ ، وانه يؤدي إلى حال ردّية ، فتمنعها عن ذلك و تضادّها . وهذا أيضاً دليل على أن كل واحدة منهما غير الأخرى . وهذه النفس التي ، هي من نور الباري ، عزّ وجل ، إذا هي فارقت البدن ، علمت كلَّ ما في العالم ، ولم يخف عنها خافية . والدليل على ذلك قول أفلاطون ، حيث يقول ان كثيراً من الفلاسفة الطاهرين القدماء ، لمَّا تجردوا من الدنيا ، وتهاونوا بالأشياء المحسوسة ، وتفرَّدوا بالنظر والبحث عن حقائق الأشياء ، انكشف لهم علم الغيب ، و علموا بما يخفيه الناس في نفوسهم ، واطَّلعوا على سرائر الخلق . فإذا كان هذا هكذا ، والنفس بعد مرتبطة بهذا البدن ، في هذا العالم المظلم الذي لولا نور الشمس لكان في غاية الظلمة ، فكيف إذا تجرَّدت هذه النفس ، وفارقت البدن ، وصارت في عالم الحق ، الذي فيه نور الباري سبحانه ؟ ولقد صدق أفلاطون في هذا القياس ، وأصاب به البرهان الصحيح . ثم أن أفلاطون أتبع هذا القول بأن قال : فأما من كان غرضه ، في هذا العالم ، التلذذ بالمآكل و المشارب المستحيلة إلى الجِيَف ، وكان أيضا غرضه في لذة الجماع ، فلا سبيل لنفسه العقلية إلى معرفة هذه الأشياء الشريفة ، ولا يمكنها الوصول إلى التشبه بالباري سبحانه . ثم أن أفلاطون قاس القوة الشهوانية التي للإنسان بالخنزير ، والقوة الغضبية بالكلب ، والقوة العقلية التي ذكرنا بالملك ، وقال: من غلبت عليه الشهوانية ، وكانت هي غرضه وأكثر همته ، فقياسه قياس الخنزير ؛ ومن غلبت عليه الغضبية ، فقياسه قياس الكلب ؛ ومن كان الأغلب عليه قوة النفس العقلية ، وكان أكثر أدبه الفكر والتمييز ومعرفة حقائق الأشياء والبحث عن غوامض العلم ، كان إنسانا فاضلا قريب الشبه من الباري سبحانه ، لأن الأشياء التي نجدها للباري ، عزّ وجلَّ ، هي الحكمة والقدرة والعدل والخير والجميل والحق ، وقد يمكن للإنسان أن يدبّر نفسه بهذه الحيلة ، حسب ما في طاقة الإنسان ، فيكون حكيماً ، عادلاً ، جواداً ، خيِّراً ، يؤثر الحق والجميل ... فإن النفس ، على رأي أفلاطون وجلَّة الفلاسفة ، باقية بعد الموت ، جوهرها كجوهر الباري ، عزَّ وعلا ، في قوَّتها – إذا تجرَّدت – أن تعلم سائر الأشياء كما يعلم الباري بها ، أو دون ذلك برتبة يسيرة ، لأنها أُودعت من نور الباري ، عزَّ وجلَّ . وإذا تجرَّدت ، وفارقت هذا البدن ، وصارت في عالم العقل فوق الفلك ، صارت في نور الباري ، ورأت الباري عزَّ وجلَّ ، وطابقت نوره وجلَّت في ملكوته ، فانكشف لها حالاً علم كل شيء ، وصارت الأشياء كلها بارزةً لها كمثل ما هي بارزة للباري عزَّ وجلَّ. لأنَّا إذا كنا ، ونحن في هذا العالم الدنس ، قد نرى فيه أشياء كثيرة بضوء الشمس ، فكيف إذا تجرَّدت نفوسنا ، وصارت مطابقة لعالم الديمومة ، وصارت تنظر بنور الباري ؟ فهي لا محالة تنظر بنور الباري كلَّ ظاهر وخفيّ ، وتقف على كلّ سر وعلانية . وكان افسقورس يقول : (( إن النفس إذا كانت ، وهي مرتبطة بالبدن ، تاركة للشهوات ، متطهِّرة من الأدناس ، كثيرة البحث والنظر في معرفة حقائق الأشياء ، انصقلت صقالة ظاهرة واتحد بها صورةٌ من نور الباري ، يحدث فيها و يكامل نور الباري ، بسبب ذلك الصقال الذي اكتسبه من التطهر . فحينئذ يظهر فيها صور الأشياء كلها ومعرفتها ، كما يظهر صور خيالات سائر الأشياء المحسوسة في المرآة إذا كانت صقلية . فهذا قياس النفس : لأن المرآة إذا كانت صدئة ، لم يتبين صورة شيء فيها بتةً ، فإذا زال منها الصدأ ظهرت و تبيَّنت فيها جميع الصور ؛ كذلك النفس العقلية ، إذا كانت صدئة دنسة ، كانت على غاية الجهل ، ولم يظهر فيها صور المعلومات ، وإذا تطهَّرت و تهذَّبت – وصفاء النفس هو أن النفس تتطهر من الدنس ، وتكتسب العلم – ظهر فيها حالاً صورة معرفة جميع الأشياء ، وعلى حسب جودة صقالتها تكون معرفتها بالأشياء . فالنفس ، كلما ازدادت صقالاً ، ظهر لها و فيها معرفة الأشياء . وهذه النفس لا تنام بتة ، لأنها في وقت النوم تترك استعمال الحواس ، وتبقى محصورة ، ليست بمجردة على حدتها ، وتعلم كل ما في العوالم ، وكل ظاهر وخفي . ولو كانت هذه النفس تنام ، لما كان الإنسان – إذا رأى في النوم شيئا – يعلم أنه في النوم ، بل لا يفرِّق بينه و بين ما كان في اليقظة . وإذا بلغت هذه النفس مبلغها في الطهارة ، رأت في النوم عجائب من الأحلام ، وخاطبتها الأنفس التي فارقت الأبدان ، وأفاض عليها الباري من نوره ورحمته ، فتلتذُّ حينئذ لذة دائمة ، فوق كل لذة تكون بالمطعم و المشرب والنكاح والسماع والنظر والشم واللمس ، لأن هذه لذَّات حسية دنسة تعقب الأذى ، وتلك لذة إلهية روحانية تعقب الشرف الأعظم . والشقي المغرور الجاهل من رضي لنفسه بلذات الحس ، وكانت هي أكثر أغراضه ، ومنتهى غايته . وإنما نجيء في هذا العالم في شبه المعبر والجسر ، الذي يجوز عليه السيارة ، ليس لنا مقام يطول . وأما مقامنا ومستقرُّنا الذي نتوقع فهو العالم الأعلى الشريف ، الذي تنتقل إليه نفوسنا بعد الموت ، حيث تقرب من باريها ، وتقرب من نوره ورحمته ، وتراه رؤية عقلية لا حسية ، ويفيض عليها من نوره ورحمته . )) ، فهذا قول افسقورس . فأما أفلاطون فقال ، في هذا المعنى : (( إن مسكن الأنفس العقلية ، إذا تجرَّدت ، هو كما قال الفلاسفة القدماء ، خلف الفلك ، في عالم الربوبية ، حيث نور الباري .)) (( وليس كل نفس تفارق البدن تصير من ساعتها إلى ذلك المحل ، لأن من الأنفس من يفارق البدن ، وفيها دنس وأشياء خبيثة ، فمنها ما يصير إلى فلك القمر فيقيم هناك مدة من الزمان ، فإذا تهذَّبت ونقيت ارتفعت إلى فلك العطارد فتقيم هناك مدة من الزمان ، فإذا تهذبت ونقيت ارتفعت إلى فلك كوكب فتقيم في كل فلك مدة من الزمان . فإذا صارت إلى الفلك الأعلى ، ونقيت غاية النقاء ، وزالت أدناس الحس و خيالاته وخبثه منها . ارتفعت حالاً إلى عالم العقل ، وجازت الفلك ، وصارت في أجلِّ محلّ و أشرفه ، وصارت حالاً بحيث لا تخفى عليها خافية ، وطابقت نور الباري ، وصارت تعلم كل الأشياء ، قليلها وكثيرها ، كعلم الإنسان باصبعه الواحدة ، أو بظفره ، أو بشعرة من شعره ، وصارت الأشياء كلها مكشوفة بارزة لها ، وفوّض إليها الباري أشياء من سياسة العالم تلتذُّ بفعلها ، والتدبير لها . )) ولعمري لقد وصف أفلاطون ، وأوجز ، وجمع ، في هذا الاختصار ، معاني كثيرة . ولا وصلة إلى بلوغ النفس إلى هذا المقام و الرتبة الشريفة ، في هذا العالم ، وفي ذلك العالم ، إلاَّ بالتطهير من الأدناس . فإن الإنسان ، إذا تطهَّر من الأدناس ، صارت نفسه حالاً صقيلة تصلح ، وتقدر أن تعلم الخفيَّات من الغيوب . وقوة هذه النفس قريبة الشبه بقوة الاله ، تعالى شأنه ، إذا هي تجرَّدت عن البدن ، وفارقته ، وصارت في عالمها الذي هو عالم الربوبية . و العجب من الإنسان كيف يهمل نفسه ، ويبعدها من باريها ، وحالها هذه الحالة الشريفة ! وقد وصف أرسطاطاليس أمر الملك اليوناني الذي تحرَّج بنفسه ، فمكث لا يعيش و لا يموت أياما كثيرة ، كلما أفاق أعلم الناس بفنون من علم الغيب ، وحدَّثهم بما رأى من الأنفس والصور والملائكة ، وأعطاهم في ذلك البراهين . و أخبر جماعة من أهل بيته بعمر واحد واحد منهم ، فلما امتحن كلُّ ما قال ، لم يتجاوز أحد منهم المقدار الذي حدَّه له من العمر . و أخبر أن خسفاً يكون في بلاد الأوس ، بعد سنة ، وسيل يكون في موضع آخر بعد سنتين ، فكان الأمر كما قال . وذكر أرسطاطاليس أن السبيل في ذلك أن نفسه إنما علمت ذلك العلم لأنها كادت أن تفارق البدن ، وانفصلت عنه بعض الانفصال ، فرأت ذلك . فكيف لو فارقت البدن على الحقيقة ؟ لكانت قد رأت عجائب من أمر الملكوت الأعلى ! فقل للباكين ، ممن طبعه أن يبكي من الأشياء المحزنة ، ينبغي أن يُبكى و يكثر البكاء على من يهمل نفسَه ، و ينهك من ارتكاب الشهوات الحقيرة الخسيسة الدنيَّة المموهة التي تكسبه الشره ، و تميل بطبعه إلى طبع البهائم ، ويدع أن يتشاغل بالنظر في هذا الأمر الشريف ، و التخلّص إليه ، ويطهِّر نفسه حسب طاقته . فإن الطهر الحق هو طهر النفس ، لا طهر البدن ... ومن فضيلة المتعبد لله ، الذي قد هجر الدنيا ولذاتها الدنِّية ، ان الجهال كلهم – إلاَّ من سخر منهم بنفسه – يعترف بفضله ، ويجلّه ، ويفرح أن يطلع منه على الخطأ . فيا أيها الإنسان الجاهل ، ألا تعلم أن مقامك في هذا العالم إنما هو كلمحة ، ثم تصير إلى العالم الحقيقي ، فتبقى فيه أبد الابدين ؟! وإنما أنت عابر سبيل في هذا الأمر ، إرادة باريك عزَّ وجلَّ. فقد علّمته جلّة الفلاسفة ، واختصرناه من قولهم ان النفس جوهر بسيط . فتفهّم ما كتبت به إليك تكن سعيداً ، أسعدك الله تعالى في دنياك وآخرتك . 0 كم جميل ان تبتسمي
0 حدث في مثل هذا اليوم 23-10 تشرين الاول (اكتوبر) 0 الحب يذبل ان لم يسقى من الالم - كلمات عن الحب 0 موقف الروس من الثورة السورية وضعف الدول الغربية 0 حدث في مثل هذا اليوم 29-10 تشرين الاول (اكتوبر) 0 حدث في مثل هذا اليوم 12-8 آب اغسطس 0 ملف شامل عن الأدوية وأسمائها حسب الأمراض التي تعالجها 0 الإسعافات الأولية المتبعة في حالات التسمم عن طريق العين 0 بين اليقاء والرحيل 0 الصوم فرض على جميع الأمم 0 حدث في مثل هذا اليوم9-10 تشرين الاول (اكتوبر) 0 الخيانة الزوجية لابد ان تنكشف 0 همسات شعرية بالعامي ونمطية 0 حكم وامثال باللغة الانكليزية (مترجم) 0 اليس لديك 5 دقائق يوميا" |
![]() |
![]() |
![]() |
#2 |
-||[عضو نادي الامرآء]||-
![]() تاريخ التسجيل: Aug 2012
الدولة: بلاد العرب أوطاني من الشام لبغدان ومن نجد الى يمن الى مصر فتطوان.."Holy land"..من المحـيط الى الخليج
العمر: 37
المشاركات: 16,047
مقالات المدونة: 5
معدل تقييم المستوى: 27 ![]() |
![]()
شكرا لك اخي الكريم على هذا المقال
ولا اخفيك انه فاجأني ... تحياتي الك 0 توجّه الجهاديين إلى تويتر...
0 مشاهير الرياضة يدخلون الإسلام أفواجا 0 الهلباوي:اتفاقية “كامب ديفيد” ظالمة وإلغاؤها ضروري 0 ذكـــــــــــــاء زوجــــــــــــــة 0 كيف تعتنين بجمالِك قبل النوم 0 جمهورية مولوسيا 0 أمثال وحكم وعبارات ومصطلحات من اللغتين الألمانية والعربية "8" 0 أكبر وأقدم فلاش ديسك usb .. من العهد العباسي 0 ليبيا تتحول من دولة إلى مجموعة من الإقطاعيات 0 مرحلة التفكير قبل النوم من أخطر الوسائل السلبية على الإنسان 0 正统派信仰大纲عقيدة أهل السنة والجماعة-صيني 0 تسريب صور جديدة لجهاز الآيباد 5 0 أهداف تشيلسي 5-4 مانشستر يونايتد 0 التوبيخ بصوت عالٍ والصراخ على الأطفال يسبب لهم الكآبة 0 تحذير النساء من المشروبات الغازية |
![]() |
![]() |
![]() |
#3 |
-||[عضو VIP]||-
![]() |
![]()
الشكر موصل لكي اخيتي
ثمة امور فعلا" يجب علينا ان نعلمها سعدت لمروركِ العطر دمتي بود اخيتي 0 صدق او لاتصدق
0 الثقب الاسود 0 حدث في مثل هذا اليوم 24-8 آب اغسطس 0 المؤمن عدو مايجهل 0 السعادة وجماليات الحياة... وقفة تأمل! 0 آهات وانين 0 وفر الجهد والمال ارخص وسيلة نقل جماعي 0 لما يقول الناس ان الحقيقة مرة 0 التجسس الامريكي وكايركاتير منوع 0 اعتذار رسمي 0 حدث في مثل هذا اليوم 2-10 تشرين الاول (اكتوبر) 0 هل نصل الى الحقيقة عبر النقاش 0 حدث في مثل هذا اليوم 11- 9 ايلول سيتمبر 0 حدث في مثل هذا اليوم 25-10 تشرين الاول (اكتوبر) 0 الدوار الدهليزي |
![]() |
![]() |
![]() |
#4 |
-||[قلم من ذهب]||-
![]() تاريخ التسجيل: Jun 2013
الدولة: الوطن العربي
المشاركات: 154
معدل تقييم المستوى: 11 ![]() |
![]()
رووووووووووووووعة
مشكوووووووووووور معلومات جدا" رائعة |
![]() |
![]() |
![]() |
أدوات الموضوع | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
رواية نَكَهَــآتْ مِنْ عَلقَمْ الْدُنْيِـــآ..!! للكاتبة: دَمعَةْ يتيِمةْ | سمية ناصر | منتدي الروايات - روايات طويلة | 138 | 10-22-2021 07:19 PM |
علماء الحديث | الطيب. | منتدي السيرة النبوية والسنة المطهرة | 18 | 10-02-2020 04:29 PM |
آخبآر جديدهـ « من الصحف اليومــيه ..(( متجدده يومياً .. «●】 | الكاتب عمر | المنتدى السياسي والاخباري | 110 | 07-14-2013 10:52 AM |