2222

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع
قديم 10-15-2017, 10:44 AM   #1
مراقب عام
 
تاريخ التسجيل: Mar 2015
الدولة: إيطاليا
العمر: 73
المشاركات: 72,660
معدل تقييم المستوى: 10
معاوية فهمي إبراهيم is on a distinguished road
افتراضي حديث عظيم فيه تسلية للمؤمن عما يصيبه



(( حديث عظيم فيه تسلية للمؤمن عما يصيبه ))

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم :
(( مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع تفيئها الريح تصرعها مرة وتعدلها أخرى حتى تهيج ، ومثل الكافر كمثل الأرزة المجذية على أصلها لا يفيئها شيء حتى يكون انجعافها مرة واحدة ))
رواه الإمام مسلم في صحيحه عن كَعْب بن مالك رضـي الله عنه
*********************

ففي هذا الحديث مثَّل النبي صلـى الله عليه وسلم المؤمن والكافر في تعرضهم لأنواع البلاء في هذه الحياة ، فشبه المؤمن بالنبتة الرطبة اللينة التي تؤثر فيها الريح ،فتحركها يمنة ويسرة ، وتخفضها تارة وترفعها أخرى ، وتظل على هذه الحال حتى تيبس وتنتهي،وهي الخامة من الزرع .

ومثّل الكافر أو المنافق ـ كما في بعض الروايات ـ بالشجرة العظيمة التي لا تحركها الريح ولا تزحزحها ولا تؤثر فيها ما دامت ثابتة منتصبة ،حتى إذا أذن الله بانتهائها وفنائها أرسل عليها ريحا عاصفة قوية ،فتقلعها من الأرض دفعة واحدة ، وهي شجرة الصنوبر التي تتميز بعظمها وقوتها وتحملها للظروف المناخية السيئة ، كما ذكر ذلك شُرَّاح الحديث .

ومعنى الحديث :
أن المؤمن معرض دائما لأنواع البلاء في هذه الدنيا ،في بدنه وأهله وماله ، كما قال الله تعالى :{ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ }(البقرة:155) .

والله عز وجل قدر البلاء على المؤمن ليكفر عنه سيئاته ويرفع درجاته ، فإنه لا يصيب المؤمن هم ولا حزن ولانصب ولا وصب ، إلا كفر الله بها من خطاياه ،حتى الشوكة يشاكها ، وإن الرجل ليكون له عند الله المنزلة فما يبلغها بعمل ، فلا يزال الله يبتليه بما يكره حتى يبلغه تلك المنزلة ، كما أخبر بذلك الصادق المصدوق حديث عظيم فيه تسلية للمؤمن عما يصيبه sallah.gif، وأما الكافر فلا يصيبه شيء من البلاء ، وإن أصابه لم يُكَفَّر عنه بسبب ذلك،حتى يموت على حاله ، فيلقى الله بذنوبه كلها كاملة موفورة ،من غير أن ينقص منها شئ .

وفي تمثيل النبي صلـى الله عليه وسلم للمؤمن بالزرع وللكافر بالشجرة عدة لطائف منها: أن الزرع ضعيف مستضعف ، والشجر قوي مستكبر متعاظم ، وكذلك حال المؤمن وحال الكافر ، وأهل الجنة وأهل النار ، كما وصفهم النبي صلـى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة . ..ومنها :

أن المؤمن يمشي مع البلاء حيثما مشى به ، فيلين له ، ويقلِّبه يمنة ويسرة ، وكلما أداره استدار معه ، فلا يضره ذلك البلاء ، كما أن الريح العاصفة القوية يسلم منها الزرع ، لأنه يلين لها ، ولا ينتصب لمواجهتها، وفيه إشارة إلى تسليم المؤمن ورضاه بأقدار الله التي تجري عليه ، وأما الكافر فلكفره وتعاظمه ، يتقاوى على هذه الأقدار ، ويستعصي عليها ، كشجر الصنوبر الذي يستعصي على الرياح ، ولا يستسلم لها ، حتى إذا أراد الله أن يهلكه ، سلط عليه ريحا قوية جدا لا يستطيع مقاومتها ، فتقلعه من أصله مرة واحدة .

ومنها أن الزرع ينتفع به الناس بعد حصاده، فإنه يحصده أصحابه ثم يبقى منه بعد حصاده ما يلتقطه المساكين ، وترعاه البهائم ، وهكذا المؤمن يموت ويخلف ما ينتفع به ، من علم نافع ، أو صدقة جارية ، أو ولد صالح ينتفع به ويدعو له ، أما الكافر فإذا اقتلع من الأرض لم يبق فيه نفع ،بل ربما خلف ما يضر ، فهو كالشجرة المنجعفة المقلوعة من الأرض لا تصلح إلا لوقيد النار .

ومن لطائف التمثيل أيضا : أن الزرع مبارك في حبه وما يخرج منه ، كما ضرب الله مثلا للحبة التي أنبتت سبع سنابل ، في كل سنبلة مائة حبة ، خلافا للشجر ، فإن كل حبة غرست منه لا تزيد على إنبات شجرة واحدة .

وكما أن هذا الحب الذي يخرج من الزرع ، هو مؤونة الآدميين ، وغذاء أبدانهم ، وسبب حياتهم، فكذلك الإيمان، هو قوت القلوب ،وغذاء الأرواح ، وسبب حياتها ، ومتى ما فقدته القلوب ماتت ، وموت القلوب لا يرجى معه حياة أبدا ، بل هو هلاك الدنيا والآخرة .

ومن اللطائف التي أفادها التمثيل في هذا الحديث أن الزرع وإن كان ضعيفا في نفسه إلا أنه يتقوى بما حوله ويعتضد به ، بخلاف الشجر العظام فإن بعضها لا يشد بعضا ، وكذلك حال المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم ،كالبنيان وكالجسد الواحد ، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر ، ولذلك ضرب الله تعالى مثل النبي صلـى الله عليه وسلم وأصحابه بالزرع لهذا المعنى فقال سبحانه :{ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ }(الفتح: الآية29) فشبهت الآية النبي صلـى الله عليه وسلم وبعثته بالزرع لكثرة عطائه وخيره ، وشبهت أصحابه بشطأ الزرع الذي يتقوى الزرع به ويستغلظ ،حتى يعتدل ويستقيم .

فهذا الحديث العظيم فيه تسلية للمؤمن عما يصيبه من محن وابتلاءات في هذه الحياة ، فينبغي على العبد أن يستسلم لقضاء الله وقدره ، وأن يعلم أن كل ما يصيبه في الدنيا ففيه الخير له ، فإن أصابته سراء فشكر كان خيرا له وإن أصابته ضراء فصبر كان خيرا له .
*****************


التوقيع
اضغط هنا لتكبير الصوره
معاوية فهمي إبراهيم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
شرح الاربعين النووية للشيخ العلامة الفقيه محمد بن صالح العثيمين متجدد... أبو عبد المجيد الجزائري منتدي السيرة النبوية والسنة المطهرة 12 05-04-2022 05:26 PM
|| نهائي كأس ملك أسبانيــا || ,, [ ريال مدريد × أتليتكو مدريد ] عبدالرحمن حساني منتدي كرة القدم العالميه 1 09-11-2021 04:07 PM
مراتب الدين الإسلامى .. الإحسان عاشقة العيون222 المنتدي الاسلامي (الشريعة و الحياة) 9 11-06-2019 08:24 PM
اماكن عشرة لايجوز الصلاة فيها سراج منير المنتدي الاسلامي (الشريعة و الحياة) 3 07-16-2017 06:58 PM
[ تقديم ] ║₪ ₪║الليـغـا الإسبـانية ● " برشلونة × بلد الوليد " ● الجولة (36)║₪ ₪║ عبدالرحمن حساني منتدي كرة القدم العالميه 2 05-18-2013 09:11 PM


الساعة الآن 05:13 PM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2023, Jelsoft Enterprises Ltd.
المقالات أو المشاركات أو الآراء المنشورة في شبكة منتديات برق بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لشبكة برق بل تمثل وجهة نظر كاتبها.