![]() |
#1 |
مراقب عام
![]() تاريخ التسجيل: Mar 2015
الدولة: إيطاليا
العمر: 71
المشاركات: 54,308
معدل تقييم المستوى: 10 ![]() |
![]() بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :- (( رحمة النبي بالمؤمنين في الصلاة )) لقد كانت رحمة النبي صلَّ الله عليه وسلم بالمسلمين في جانب الصلاة واضحة جَلِيَّة ظهرت في مواقف عديدة في حياته صلَّ الله عليه وسلم، وقد جمعنا بين القرآن والصلاة في مبحث واحد لشدة ارتباطهم، كما أن الصلاة قد يُعَبَّر عنها بالقرآن، مثل قول الله تعالى: {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: 78]، قال ابن كثير رحمه الله: "يعني صلاة الفجر"[1]. صور من يسر الإسلام في الصلاة لقد كان رسول الله صلَّ الله عليه وسلم يحب الصلاة حبًّا لا نستطيع وصفه بألسنتنا أو بأقلامن، ولكن ننقل وصفه هو لهذا الحب.. قال: "وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلاةِ"[2]. ومع هذا الحب العميق للصلاة إلا أن النبي صلَّ الله عليه وسلم كان رحيمًا بأمته فلم يُرِدْ منهم الإكثار في هذا الجانب حتى لا يملُّوا. دَخَلَ النَّبِيُّ صلَّ الله عليه وسلم فَإِذَا حَبْلٌ مَمْدُودٌ بَيْنَ السَّارِيَتَيْنِ؛ فَقَالَ: "مَا هَذَا الْحَبْلُ؟!" قَالُوا: هَذَا حَبْلٌ لِزَيْنَبَ، فَإِذَا فَتَرَتْ تَعَلَّقَتْ؛ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "لا. حُلُّوهُ لِيُصَلِّ أَحَدُكُمْ نَشَاطَهُ فَإِذَا فَتَرَ فَلْيَقْعُدْ"[3]. وهذا التوجيه والتعليم يفعل رسول الله صلَّ الله عليه وسلم مع واحدة من أعظم نساء الأرض، فهي أم المؤمنين زينب بنت جحش رضي الله عنه، وقد يُطلَب منها ما لا يُطلَب من عامة النساء، ولكنها القاعدة التي لا خلاف عليها: "إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ".. لقد كان رسول الله صلَّ الله عليه وسلم حريصًا على أن يظل العبد مربوطًا طيلة حياته بربه ، فلا يكسل في لحظة، أو يُفرِّط في أخرى؛ ولذلك كان يحب العمل الدائم ولو كان قليل، فهذا أصلح للعبد وللمجتمع.. قال رسول الله: "وَاعْلَمُوا أَنَّ أَحَبَّ الْعَمَلِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُهُ وَإِنْ قَلَّ"[4]. وكان رسول الله صلَّ الله عليه وسلم يخشى على أمته من عدم التوازن فتضيع حقوق الأسرة والمجتمع إذا صرف العبد وقته كله في الصلاة والقرآن، ولذلك كان ينصح المكثِرِين بالتقليل والتخفيف، ومِنْ أشهر وأجمل مواقفه ما حدث مع عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما. لقد كان عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما من الصَّوَّامين القَوَّامين، فكان يقوم كل ليلة بالقرآن فيختمه كاملاً!! وقد كان يظن هذا هو الأفضل والأعظم، فدار بينه وبين رسول الله صلَّ الله عليه وسلم حوار يستفسر فيه عبد الله عن كَمِّ القراءة الأمثل.. يقول عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: فِي كَمْ أَقْرَأُ الْقُرْآنَ؟ قَالَ: "اخْتِمْهُ فِي شَهْرٍ". قُلْتُ: إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ: "اخْتِمْهُ فِي عِشْرِينَ". قُلْتُ: إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ: "اخْتِمْهُ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ". قُلْتُ: إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ: "اخْتِمْهُ فِي عَشْرٍ". قُلْتُ: إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ: "اخْتِمْهُ فِي خَمْسٍ". قُلْتُ: إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ: فَمَا رَخَّصَ لِي"[5]. فنحن في هذا المثال نشاهد شابًّا قويًّا هو عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما يجادل رسول الله صلَّ الله عليه وسلم ليصلي أكثر، وليقرأ القرآن كاملاً في أقصر مدة ممكنة، وعلى الجانب الآخر يجادله رسول الله صلَّ الله عليه وسلم ليخفف عنه ويرحمه! قد نتعجب من حرص رسول الله صلَّ الله عليه وسلم على التقليل من عبادة عبد الله بن عمرو رضي الله عنهم، ولكن عند التدبر بعين الرحمة تجد أن الرسول صلَّ الله عليه وسلم حريص على استمرارية عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما في طريق العبادة دون كسل ولا فتور ولا إرهاق شديد، وحريص على زوجته وأسرته أن يأخذا حقهما منه، وحريص كذلك على المجتمع أن يصبح عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عضوًا فاعلاً فيه يعمل وينتج ويُعلِّم ويجاهد ويتزاور.. إن رسول الله صلَّ الله عليه وسلم حريص على أن يعيش عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما حياة متوازنة، وذلك رحمة به ورحمة بمجتمعه صلَّ الله عليه وسلم تزداد وضوحًا وجلاءً عندما يكون الأمر خاصًّا بعموم الأمة، فإن هذا الدين لم ينزل لمجموعة معينة من الناس دون غيرهم، إنما نزل للكبير والصغير، والرجل والمرأة، والقوي والضعيف، والغني والفقير، وغير ذلك من أصناف في داخل الأمة الواحدة.. إنه يفهم أحوال الناس وظروفهم، ويرحمهم لأجل ذلك، ولا يريد أن يأتي الرجل صلاة أو صلاتين ثم ينقطع كُلِّيَّةً بعد ذلك، بل هو ينظر برحمة إلى حالته ويُقدِّره، ومثل هذا الموقف حدث مع معاذ بن جبل ، وهو صحابي جليل، وقريب جدًّا من قلب الرسول ، وكان كثيرًا ما يمدحه ويُثني عليه، ولكن هذه الدرجة القريبة من قلب رسول الله لم تكن لتصبح مبررًا لأن يطيل معاذ في الصلاة فيقسو بذلك على المأمومين. إن القسوة مرفوضة، حتى لو كانت في عبادة الصلاة !! يحكي جابر بن عبد الله رضي الله عنهما هذا الموقف فيقول: "أَقْبَلَ رَجُلٌ بِنَاضِحَيْنِ وَقَدْ جَنَحَ اللَّيْلُ فَوَافَقَ مُعَاذًا يُصَلِّي[6]، فَتَرَكَ نَاضِحَهُ وَأَقْبَلَ إِلَى مُعَاذٍ فَقَرَأَ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ أَوْ النِّسَاءِ فَانْطَلَقَ الرَّجُلُ وَبَلَغَهُ أَنَّ مُعَاذًا نَالَ مِنْهُ فَأَتَى النَّبِيَّ صلَّ الله عليه وسلم فَشَكَا إِلَيْهِ مُعَاذًا؛ فَقَالَ النَّبِيُّ صلَّ الله عليه وسلم: "يَا مُعَاذُ، أَفَتَّانٌ أَنْتَ؟!! أَوْ أَفَاتِنٌ؟!! -ثَلاثَ مِرَارٍ- فَلَوْلا صَلَّيْتَ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ، وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا، وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى؛ فَإِنَّهُ يُصَلِّي وَرَاءَكَ الْكَبِيرُ وَالضَّعِيفُ وَذُو الْحَاجَةِ"[7]. إن رسول الله صلَّ الله عليه وسلم في هذا الموقف يُعلِّم الأئمة أن يرحموا المصلين في المساجد، ولا يشقُّوا عليهم بكثير صلاة أو قيام، وهذه هي الرحمة في قمة صورها.. إنه يسعد صلَّ الله عليه وسلم بالإمام الذي يقرأ بالشمس والليل أكثر من سعادته صلَّ الله عليه وسلم بالإمام الذي يقرأ بالبقرة والنساء!! أَلا فَلْيَفْهَمِ المسلمون دينهم!! وألا فليعرف العالم رحمة رسول الله صلَّ الله عليه وسلم! ومثله ما حدث منه صلَّ الله عليه وسلم في قيام رمضان.. صَلَّى رَسُولَ اللَّهِ صلَّ الله عليه وسلم ذَاتَ لَيْلَةٍ فِي الْمَسْجِدِ فَصَلَّى بِصَلاتِهِ نَاسٌ، ثُمَّ صَلَّى مِنْ الْقَابِلَةِ فَكَثُرَ النَّاسُ، ثُمَّ اجْتَمَعُوا مِنْ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِصلَّ الله عليه وسلم، فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ: "قَدْ رَأَيْتُ الَّذِي صَنَعْتُمْ، وَلَمْ يَمْنَعْنِي مِنْ الْخُرُوجِ إِلَيْكُمْ إِلا أَنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ" وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ"[8]. إن رسول الله صلَّ الله عليه وسلم يعلم أن الله عز وجل يفرض على عباده ما يشاء في الوقت الذي يشاء، وبالطريقة التي يشاء، ولكنه صلَّ الله عليه وسلم يعلم أيضًا أن الله تعالى قد جعل الأسباب، ولا يريد أن يكون هو سببًا لمشقة تحدث للمسلمين، وقد شدَّد بنو إسرائيل على أنفسهم فشدد الله عليهم، وما قصة البقرة بخافية[9]، ولذلك آثر رسول الله صلَّ الله عليه وسلم أن يصلِّي قيام رمضان منفردًا لكي يرحم المسلمين بتقليل الفروض عليهم! إن المرء لا يملك عند رؤية هذه المواقف وأمثالها إلا أن يقول ما قاله رب العالمين سبحانه وتعالى في كتابه: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107]. د. راغب السرجاني طريق الإسلام. §§§§§§§§§§§§§§§ [1] ابن كثير: تفسير القرآن العظيم 3/75. §§§§§§§§§§§§§§§§§§
0 من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل
0 هل الكبرياء يقتل الحب 0 نبتة خاتم سليمان 0 هل السكر سببا للإصابة بمرض السكري 0 كورونا لايزال بنفس قوته 0 ترتيب الكتب السماوية 0 إذا خاطبتك نفسك 0 قتيبة بن مسلم 0 وصدق من قال !!! تفضلوا 0 يحبون من يجاملهم 0 كيف أحذف المواقع التي قمت بزيارتها على النت 0 برد الاحاسيس 0 الابتسامه بدون سبب روعه في الادب 0 لكننا رغم هذا الذل نعلنها 0 ساعات السحر وماأجملها التعديل الأخير تم بواسطة معاوية فهمي إبراهيم ; 08-31-2020 الساعة 05:00 PM |
![]() |
![]() |
![]() |
#3 |
مراقب عام
![]() تاريخ التسجيل: Mar 2015
الدولة: إيطاليا
العمر: 71
المشاركات: 54,308
معدل تقييم المستوى: 10 ![]() |
![]() شكراً لك لتصفحك موضوعي أخي الفاضل driss78 دمت بتوفيق الله و رعايتهِ. 0 بلْ ماشــاءَ اللهُ وحدهُ
0 أسس مجاهدة النفس حتى تتخلص من أمراضها 0 عداله الصحابه رضي الله عنهم 0 أنواع من الاحترام يحتاج إليها زوجك 0 سلام على دنيا تبدلت فيها المسميات 0 تاريخ العراق القديم 0 المجددون في الإسلام هم ورثة الأنبياء 0 قصة قصيرة عن طفل ضائع 0 إشراقة أمل (1) 0 الشخير 0 فضل يوم الجمعه من القران الكريم والسنه 0 أعطوا عقولكم رسائل إيجابية تسعدوا 0 عمر الأمة في اربعة فتن وخمسة مراحل 0 كسوة الناس 0 ياااااااارب |
![]() |
![]() |
![]() |
أدوات الموضوع | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
نبذه عن المذاهب الاربعه | ممدوح ألمطيري | المنتدي الاسلامي (الشريعة و الحياة) | 15 | 01-10-2021 07:23 PM |
أبرز علماء الإسلام | معاوية فهمي إبراهيم | منتدي السيرة النبوية والسنة المطهرة | 2 | 11-15-2019 09:12 AM |
استدامة المصلي الصلاة في مكان المكتوبة | معاوية فهمي إبراهيم | المنتدي الاسلامي (الشريعة و الحياة) | 1 | 11-06-2019 04:39 PM |
نصائح عامة وشاملة | Broken hearts | منتدي طب - صحه - غذاء - الطب البديل - اعشاب - ريجيم | 6 | 12-03-2011 12:12 AM |